الرئيسية ثقافة و فن برنامج مشواري يستضيف الفنانة العصامية التشكيلية

برنامج مشواري يستضيف الفنانة العصامية التشكيلية

22 مايو 2020 - 1:31
مشاركة

اعداد وحوار حسن بوسرحان

شهدت السنوات اﻷخيرة بروز أسماء مغربية في الفن التشكيلي ، سواء داخل المغرب أو خارجه ، مما جعل عرض الكتير من اللوحات في معارض محلية ودولية والتي تساهم في التلاقح الثقافي بين الشعوب من خلال التعريف باللمسة المغربية في الفن التشكيلي العصري، أو عبر تسويق منتوجات في معارض عالمية داخل الوطن وخارجه ، وكذلك تسهيل طرق التسويق وفتح باب عرض التصاميم والرسومات في المحافل الدولية ، و يعتبر العارضين التشكيليين المغاربة الذين أكدوا و بالملموس على أنهم من اﻷوائل في هذا المجال ، ولطالما عرف اكتساح وتفوق المغاربة .

وفي هدا الصدد حاورنا الأستاذةوالفنانةالتشكيلية.
سنتعرف عليها في الحوار التالي :
– / س/ : أولا ، تفضل بتقديم ورقة تعريفية من انت ؟.
خديجة الخليفي مغربية، من مواليد مدينة سلا، عاشقة للون والحرف. حاصلة على شهادة الإجازة في العلوم الاقتصادية من جامعة محمد الخامس بالرباط.
-/ س / : كيف جاءت فكرة دخول عالم الفن التشكيلي ، خصوصا أن توجهك الدراسي بعيدا عن هذا المجال–.
عندما كنت صغيرة، في المراحل الأولية من التعليم، كان كلما تأخر أهلي عني. ذهبت بي المعلمة إلى فضاء واسع، أحمل ريشة وألون ما يخطر ببالي. كان هذا في فرنسا، عندما أخذتني والدتي معها في رحلة دامت ثلاثة أشهر. عندما رجعت إلى المغرب، استأنفت دراستي التي لم تخل كذلك من دروس في الفن التشكيلي وكذلك من دروس في التربية النسوية. هذا فيما يخص الدراسة، أما في البيت، فوالدتي تحمل شهادة تخرج من مجمع الصناعة التقليدية كما أنها حاصلة على دبلوم الشهادة الابتدائية. أما والدي رحمه الله، فقد كان عاشقا لفن طي الورق، مرة يصنع صندوقا ومرة طائرة.. هكذا كانت أمي أول فنانة أعرفها في حياتي، و أبي أول فنان أتعرف عليه في حياتي. كل هاته الأشياء اجتمعت بدواخلي، أشياء وكانت لا تتكلم إلا همسا.

مرت السنين، وأنا أعرف أني سلكت طريقا غير طريقي، منهجا غير منهجي.. لكني في طريقي إلى الجامعة، كنت أمر برواق باب الرواح، فلا أمنع نفسي من الدخول لمشاهدة اللوحات المعروضة بها. كانت تستوقفني تلك اللوحات المنجزة بتقنيات مشتركة وأقصد بذلك المواد المستعملة والملصقات… كانت تشدني إليها كثيرا، فأبحر إلى دنياها. ومن تم أكمل طريقي إلى الجامعة لأدرس مادة كنت أنوي فقط التعرف عليها، بعدما غيرت توجيهي من دراسة علوم الآداب التي شاءت الأقدار أن أدرسها لمدة سنة واحدة. كان ذلك بثانوية صلاح الدين الأيوبي.
في ليلة من الليالي، رأيتني في منامي في مكان يشبه المتاحف العظمى، وبه لوحات معلقة مزينة بإطارات مذهبة. قلت هل هذا المكان لي؟ هل هذه اللوحات لي؟ كنت في حلمي كمن كان يملك فعلا ذاك المكان وتلك اللوحات.
بعد حلمي هذا، لم أعد أستطع تجاهل حديث الأشياء التي تراكمت بدواخلي: ذكريات رسمي في فرنسا، إبداع أمي وأبي ودروس الفن التشكيلي أيام التعليم الإعدادي.. كان لابد لي من محاربة خجل الحديث بدواخلي. كان السؤال هو كيف لي فعل ذلك؟ اقتنيت مجموعة من الفرش أو الريشات، عشت في خيالي كما لو كنت فنانة تشكيلية حقيقية. اقتنيت كذلك مجموعة من الألوان، رسمت ورسمت. .. لكن لوحاتي لم تكن تشبه لوحات الفنانين التشكيليين. شيء ما ينقصها.
ذات مساء، جاء الفرج.. كنت بمدينة الرباط بالقرب من فضاء الفن التشكيلي “سوق بيع الورود قديما”. مررت شاردة في طريقي، فجأة شيء يخرجني من شرودي.. إنه إعلان عن دروس في الفن التشكيلي، كان الإعلان ملصقا على نافذة محل لبيع اللوحات. هكذا تلقيت دروسا على يد الفنان التشكيلي الغني عن التعريف والذي أعتبره عملاقا وجوهرة فنية حقيقية، إنه الفنان التشكيلي عبد اللطيف نايت عدي.
س / : منذ دخولك لعالم الرسم إلى يومنا هذا هل حققت نجاحك في مجال عرض سواء داخل المغرب أو خارجه ، وما نوع اللوحات التي تقدمها ، وأي لمسة أضفت للفن التشكيلي ؟/ .

لم أكن أنوي أبدا دخول عالم الفن التشكيلي، بقدر ما كنت أريد أن أصغي إلى دواخلي وبقدر ما كنت أحاول فك شفرة الحديث… لكني بعدما بدأت أتعلم تقنية التعامل مع الألوان، وبعدما أحسست أن لوحتي بدأت تشبه لوحات الفنانين التشكيليين. سمعت اللوحة تتكلم! ..
يا سيدي، شيء غريب يعيشه الفنان التشكيلي! كأن اللوحة لها روح، تتكلم، تنطق، تعاتب، تشكر، تضحك، تبكي… لم تشأ لوحتي أن تبقى معلقة على جدران بيتي.. من أجلها، أنشأت حسابا فيسبوكيا، و تتبعت الإعلانات حول تنظيم المعارض الفنية. وفي شهر دجنبر 2018، كانت أولى مشاركاتي. مازلت أتذكر، شاركت بلوحتين: لوحة تصالح ولوحة قوة الحب. هكذا دخلت عالم الفن التشكيلي. شاركت بمعارض عديدة بمدينة الدار البيضاء، مدينة مراكش، ومدينة الرباط. ومن هذا المنبر، أوجه التحية والسلام إلى أصدقائي البيضاويين، والمراكشيين، وكذلك إلى أصدقائي الرباطيين..
أستاذ حسن، الريشة واللون تغير فكر الإنسان، تحرر قيوده وتحرر خجله..
أعتبر نفسي محظوظة، لأن لوحتي ظهرت في زمن تحرر فيه الفن من القيود. فتجدني أرسم باللون ما أشعر به وما أحسه. رسمت التصالح ورسمت الأمل، رسمت الدفء ورسمت الانتماء، رسمت الصمود كما رسمت الحب، رسمت عطر الأنوثة، رسمت التحدي والتشبت بالحياة…
كلما شاركت بمعرض جماعي وسيطرت فيه الابتسامة علي، كلما علمت أنها بوادر نجاح المعرض. وأقصد ببوادر النجاح هنا الإفصاح عن التقنيات المستعملة، وتبادل التجارب، كما أقصد الإعجاب بمضمون اللوحات.

وهنا تحضرني ذكرى جميلة، كنت مشاركة بأحد المعارض التشكيلية الجماعية بمدينة الدار البيضاء. عند وصولي إلى قاعة العرض، وجدت سيدة بانتظاري، وعينيها متلألئة من آثار الدموع التي أحس أنها قد حبستها لأنها متواجدة في مكان عام. شكرتني تلك السيدة وكان معها طفلين، ما إن سمعا أمهما تقول شكرا، حتى فعلا مثلها. لم يكن مجرد تقليد لكلام أم، لكني لمست الفرحة في عينيهما. لقد أثرت اللوحتين المعروضتين في السيدة بشكل كبير.
أستاذ حسن، عندما يشكرك طفل على عمل أنجزته فهو قمة النجاح، وعندما يبقى شخص في انتظارك ليشكرك فهو قمة النجاح.
س / : على غرار تألق في الفن التشكيلي ، ماهي مواهبك اﻷخرى ؟…
اللون يشدني ويسافر بي بعيدا، وكذلك الحرف. عندما درست علوم الآداب كما قلت لك يا أستاذ حسن، كان من بين أحلامي أن أكون كاتبة، أن يسجل اسمي على ظهر غلاف وأن يحمله تلميذ أو طالب أو كل عاشق للقراءة… حاليا أسعى لتحقيق هذا الحلم. كتبت قصة فراغ الليل، شجرة التمني، العمق الهادئ، رؤيا، نافورة التفاؤل، عطر الأنوثة، مقصورة الذكريات، سي علال، صمت الكناري، كما كتبت خاطرة ثلاثية الجمال، وأقلام مراهقة..

-/ س / : بخصوص مجال العرض، ماهي اﻹكراهات التي تواجهكم – .
لا يخلو مجال من الإكراهات والصعوبات. أغلبية المعارض الجماعية المنظمة يؤدى عنها. كلا الطرفين يعاني، المنظم والفنان المشارك: المنظم يشكو غياب الدعم، والفنان يشكو غلاء ثمن المشاركة. وهنا يبقى القرار للفنان أولا وأخيرا إما أن يشارك أو أن ينتظر التفاتة جميلة من إحدى الجمعيات أو إحدى المؤسسات التي لها تاريخ عريق في الفن التشكيلي، تدعوه للمشاركة.
رغم كل الصعوبات، فهنالك حركة موازية تكسو الساحة الفنية، حضور مقالات فنية تعرف بأعمال الفنان، حوارات تقرب هذا الأخير من الجمهور العاشق والذواق لحياة الألوان، حوارات فنية تحرك دواخل الفنان الذي يسكن كل إنسان على أرض البسيطة. هذه الحركة في حد ذاتها تسعد الفنان وتنسيه مشاكل الفن وتدفع به للبحث والتأمل والمزيد من التعلم ليكون دائما عند حسن ظن ذاته به قبل حسن ظن المتذوقين أو المتلقين لفنه.
– / س / : في إطار كلمة مفتوحة ، ماذا تود القول للمسؤولين ومتتبعي البرنامج الحواري مشواري؟ .

أولا أشكرك أنت يا أستاذ حسن على منحي هذه الفرصة لأشارك محبي الفن التشكيلي قصة دخولي إلى هذا الميدان. ثانيا أريد من خلال هذا المنبر أن أوجه خالص شكري لراعي الفن الأول، جلالة الملك محمد السادس أطال الله في عمره على رعايته السامية واهتمامه العظيم بالفن والثقافة.
شكرا لك الاستادة والفنانة خديجة الخليفي على حسن مودتك وعلى اجابتك البسيطة في عفويتها لقبولك المرور في برنامجي الحواري مشواري وباسم كل الطاقم التحريري وجنود الخفاء نقدم لك باقة ورد..ولنا لقاء بعد رفع الحجر الصحي لنبدأ في تصوير البرنامج واداعته اليكترونيا.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً