اعداد ومتابعة حسن بوسرحان

من أقوال صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله ( ولا يسعنا إلا أن نبتهج بما أصبحت تشكله الجمعيات المغربية, من ثروة وطنية هائلة و من تنوع في مجالات عملها, و ما تجسده من قوة اقتراحية فاعلة, أصبحت بفضلها بمثابة الشريك, الذي لا محيد عنه, لتحقيق ما نبتغيه لبلادنا من تقدم وتحديث),إدن علينا كمجتمع مدني منظم، كفيل بإنتاج مواطنين مندمجين في الوعي ودينامية الرقي والنماء للوطن,
بداية نرحب بك في برنامج مشواري على الموقع الاليكتروني أخبار المساء العربية والدولية، و نشكرك على قبولك دعوتنا لإجراء هذا الحوار.

سؤال : بطاقة تعريفك للقارئ
جواب : العصفور محمد، متزوح أب لطفلتين حاصل على ماستر في الحكامة المحلية وإجازة في القانون العام من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء، بكالوريا علوم تجريبية من ثانوية ابن تومرت الدار البيضاء، بالإضافة إلى دبلوم في الاقتصاد والتدبير من المعهد التقني الاقتصادي بالدار البيضاء،,
رئيس المركز المغربي للتطوع والمواطنة، نائب رئيس جمعية التربية، مدير المنتدى العربي للتنمية المجتمعية، نائب رئيس الاتحاد العربي للتطوع، مدرب وميسر في مجالات تطوير مشاريع الجمعيات التدقيق الإداري والمالي للجمعيات والمشاريع، له عدة كتابات ومقالات حول التطوع، حاصل على العديد من الجوائز والتكريمات، محاضر في العديد من الدول العربية والأوروبية

جواب : في البداية باسم كل متطوعي ومتطوعات المركز المغربي للتطوع والمواطنة نحيي عاليا الملحمة الثالثة بين الملك والشعب التي سجلها التاريخ للمملكة المغربية في مواجهة جائحة كورونا، وذلك بفضل الرؤية الاستباقية والقرارات الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله التي حصنت البلاد والعباد، وتجاوب الشعب المغربي بكل مكوناته مع تعليمات الطوارئ الصحية، وخاصة الإجراءات المتعلقة بالحجر الصحي.
وكأي مواطن له غيرة على هذا البلد قمت بالامتثال إلى التعليمات، حيث فرضت على نفسي وأسرتي وبكل طواعية حجرا صحيا ملزما، وكنت أخرج مرة واحدة في الأسبوع للتبضع، ويومي كان في الحقيقة لا يسعني من حيث الوقت للتهييء والاستعداد والإعداد والبحث الجيد للمبادرات والبرامج التي أطلقها المركز خاصة البرامج التحسيسية والثقافية والتربوية التي كان يبثها عن بعد، والتي تصدرتها الندوات التفاعلية مع رجالات العلم والأدب والطب والتربية، واستضافات لعرض التجارب، والمشاركة في العديد من النقاشات لكسر حاجز الصمت والضغط النفسي، وفي اعتقادي أنها كانت أنشطة كثيرة ومكثفة ووازنة، وفي زمن ضيق، كانت كلها تهم الترافع عن التطوع، وخاصة مع ارتفاع منسوب البعد التطوعي والتضامني لكل فئات الشعب المغربي كل حسب اختصاصاته ووظيفته منذ اجتياح هذا الفيروس لبلادنا.

سِؤال : قانون التطوع ، ممكن نعرف بعض المعطيات ؟
جواب : قبل الحديث عن مشروع قانون التطوع اسمح لي بالتذكير ببعض المحطات التي عرفها التطوع منذ دستور 2011 :
أولا : سنة 2012 جاءت حكومة السيد عبد الإله ابن كيران بمخطط تشريعي لتطبيقه في ولايتها من ضمنه نصين أساسين هما : 1 / القانون المنظم للتطوع – 2 / إعادة النظر في ظهير الحريات العامة لسنة 1958.
ثانيا : الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة الذي نظمته الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مابين مارس 2013 مارس 2014، الذي توج بأزيد من 240 توصية تهم الحياة الجمعوية من بينها قانون للتطوع كمكون أساسي للعمل الجمعوي وسلوك مواطن.
ثالثا : برنامج ” العمل التطوعي والتربية المدنية في أوساط الشباب ” الذي أطلقته وزارة الشباب والرياضة سنة 2013، حول التطوع وخلق نوادي للتطوع بدور الشباب، وهي المبادرة التي أقبرت في مهدها.
رابعا : سنة 2017 احتفالا باليوم العالمي للتطوع ( يحتفل به سنويا في 5 دجنبر)، رفعت منظمة الأمم المتحدة شعار “قانون المتطوعين أولا، هنا، وفي كل مكان ” وذلك للاعتراف بمساهمات المتطوعين الذين لديهم الشجاعة لمواجهة الأخطار، والمساعدة على إنقاذ الأرواح، ورعاية المتضررين من الأزمات.
خامسا : خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في 12 أكتوبر 2018 ، داعيا فيه الحكومة ومجلسي النواب والمستشارين إلى تبسيط المساطر لتشجيع مختلف أشكال التبرع والتطوع.

سادسا : الندوة الدولية التي نظمها المركز المغربي للتطوع والمواطنة تحث شعار ” جميعا من اجل مأسسة التطوع” بمقر مجلس جهة الدارالبيضاء – السطات يومي 14 و15 دجنبر 2018، التي صرح فيها السيد مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة أنه يجري إعداد مشروع القانون 18.06 الذي يروم إدماج التطوع التعاقدي في السياسات العمومية، وسد النقص الموجود في هذا المجال.
سابعا : في 4 دجنبر 2019، بمناسبة الحفل الوطني لجائزة المجتمع المدني في دورتها الثالثة قال السيد مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، أن مشروع قانون التطوع التعاقدي 18.06 جار إعداده مع الهيئات المعنية بتنظيمه، ويوجد في مراحله الأخيرة، وهو ما أكد عليه، بمناسبة اليوم الوطني للمجتمع المدني في 13 مارس 2020، بأن وزارته منخرطة في تعزيز وتشجيع قيم التطوع، من خلال استكمال إعداد مشروع القانون 06-18.
وكقراءة أولية في مسودة المشروع فهو ينقسم إلى ثمانية أبواب و 29 مادة همت التعريف العمل التطوعي وأهدافه، تنظيم عقود التطوع التعاقدي وإنهاؤها، الحق في التطوع التعاقدي وإنشاء الجمعيات المنظمة له، التزامات الجهات المنظمة للتطوع التعاقدي، حقوق والتزامات المتطوع، مجال التعاون الوطني والدولي.
سؤال : تعريف باهداف الجمعية التي تسيرونها ؟
جواب : تأسس المركز المغربي للتطوع والمواطنة في 28 مارس 2013، وترتكز رسالته على إشاعة ثقافة التطوع وقيم المواطنة والتسامح وحقوق الإنسان، وذلك من خلال حشد المبادرات التطوعية والطاقات الخلاقة للمواطن المغربي وتوجيهها ودعمها واستثمارها، ومن بين أهدافه نشر ثقافة التطوع وقيم المواطنة وحقوق الإنسان مع ترسيخ روح الوطنية الحقة، المبنية على قيم المواطنة، وكرامة الأفراد، والتسامح، ونبذ العنف بكل أشكاله، والمساهمة في تطوير العمل التطوعي من خلال تأهيل وتدريب وتربية المواطن المغربي على مشاريع رائدة للنهوض بالعمل التطوعي.

سؤال : هل حققت جمعيتكم ما تصبو إليه من تطلعات وكم النسبة المئوية التي وصلتم إليها من خلال الأهداف المسطرة في القانون الأساسي؟
جواب : فبالإضافة إلى وظائفه الأربع، التي يشتغل عليها المركز المغربي للتطوع والمواطنة وهي التحسيس والمناصرة والمرافعة والدعم في المجال التطوعي، قام المركز بالعديد من اللقاءات والندوات والدورات سواء في مقره، أو بمقر مجلسي النواب والمستشارين، أو مقرات الجماعات الترابية أو مقر جهة الدارالبيضاء – السطات، أو دور الشباب أو المدارس أو ندوات مفتوحة للعموم.
فهناك الفعل التطوعي، الذي تترجمه قوافله الصحية والتضامنية، إذ قام المركز بتنظيم العشرات من القوافل الطبية المتخصصة في سرطان عنق الرحم والثدي جابت كل أنحاء المملكة، وفي إطار المبادرة الملكية مليون محفظة قام بقافلة تضامنية إلى دار الطالبة سيدي المخفي نواحي أزرو لفائدة نزيلاتها من التلميذات، ناهيك عن الأوراش التطوعية من قبيل عملية التشجير وتنظيف بعض الأحياء وتزيين المدارس، وهو ما سيستمر فيه المركز خلال برنامجه المستقبلي.
وسيستمر مركز التدريب في تقديم خدماته التدريبية والتحسيسية حول التطوع والمواطنة، ولأول مرة سيعمل المركز على توقيع اتفاقية شراكة مع مدرسة خاصة بمدينة الدارالبيضاء من أجل تحسيس تلاميذها وإشراكهم في ورشات حول التطوع والمواطنة.
وعلى الصعيد العربي فالمركز له وضعية اعتبارية وخاصة المنتدى العربي للتنمية المجتمعية الذي يحضى سنويا برعاية جامعة الدولة العربية والذي يعرف مشاركة حوالي 17 دولة عربة، والذي وصل نسخته الثالثة، ويشغل المركز نائب رئيس الاتحاد العربي للتطوع، وعلى الصعيد المغرب العربي سنعمل على إشهار الاتحاد المغاربي للتطوع بحضور كل من الجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب في المستقبل القريب.
على مستوى البرامج يمكن القول أن البرامج السنوية التي تضعها أجهزة المركز تعرف إنجازا يفوق 95 % غير أن ألأهداف الكبرى لا زلنا نسعى جاهدين لتحقيقها منها :
1 – مشروع جائزة المملكة المغربية للتطوع “جائزة طريق الوحدة” تيمنا بالملحمة التاريخية، التي تعد أكبر مثال للتطوع الجماعي التي عاشها المملكة بعد الاستقلال، والتي ربطت شمال المغرب بجنوبه بسواعد شبابنا.
2 – الترافع أمام السلطات العمومية لتخصيص “يوم وطني للتطوع” من أجل تحسيس المواطنات والمواطنين والفاعلين السياسيين والاقتصاديين بأهمية التطوع وإسهامه في التنمية.

3 – تقديم مقترح قانون مع فريق نيابي بالبرلمان من أجل الحكم بأعمال تطوعية كعقوبة بديلة للسجن أو الغرامة خاصة الجرائم التي تقع بالخطأ ويكون مرتكبوها من أصحاب الاختصاصات التي نحتاجها للتنمية.
4 – دفع السلطات العمومية إلى إدراج ثقافة التطوع بالمناهج الدراسية التعليمية واحتساب ساعات التطوع عند التخرج من الجامعة.
سؤِال : بأية مقاربة نمارس العمل التنموي في جمعيتكم ؟
جواب : إن المركز المغربي للتطوع والمواطنة، كما قلت لك سلفا من خلال وظائفه الأربع : التحسيس – المناصرة – المرافعة – والدعم في المجال التطوعي، يسعى إلى تغيير تلك النظرة بخصوص العمل التطوعي بكونه مجرد عمل خيري إحساني، بل يجب أن ننظر إليه على أنه مجموعة من التجارب الوطنية، التي تصنع التقدم، والذي دفع الدول المتقدمة للاعتراف بالعمل التطوعي كمؤشر من مؤشرات التنمية والتقدم.
ومن أجل هذا التطوير والتنظيم فلدينا مع الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني اتفاقية إطار للتعاون والشراكة بخصوص “مركز للتدريب على التطوع والمواطنة”، إذ يعتبر المركز معهدا تدريبيا وطنيا وعربيا ودوليا، ويشكل مرجعة معرفية فنية في برامج التطوع، ويتبنى رؤية الوزارة والمركز للارتقاء بالعمل التطوعي، وتمكين المتطوعين من المهارات اللازمة، ونتمنى تقويته وتعزيزه بشراكات أخرى، وذلك لتكوين متطوعات ومتطوعين بمفهوم جديد للتطوع، ليأخذ التطوع بعدا جديدا ويصبح غاية ووسيلة، غاية لأنه يمثل الضريبة الوطنية، التي يدفعها كل مواطن لمجتمعه، ووسيلة لأن قيمة وأهمية التطوع يجب ألا تقاس على المدى القريب، بل بالعائد التربوي والثقافي والاجتماعي والأمني على المدى البعيد، لأن المفهوم الجديد للتطوع الذي يجب العمل على ترسيخه بين شبابنا هو عملية تبادل المنفعة والمصالح لخدمة مجتمعاتنا وتنميتها بمقاربة شاملة، وهي الاتفاقية التي تم توقيعها في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي الأول للتنمية المجتمعية الذي نظمه المركز تحت رعاية جامعة الدول العربية بمدينة الدارالبيضاء في أبريل 2018، والذي عرف مشاركة 15 دولة عربية،
سؤال : هل صحيح ان بعض الجمعيات تستغل سياسيا من طرف الأحزاب المغربية؟

جواب : لا بد من التذكير أن العمل التربوي والشبابي والكشفي في عهد الاستعمار وبداية الاستقلال ولد من رحم الأحزاب السياسية الوطنية، سواء إبان الاستعمار التي كانت تشكل مشتلا لتكوين شباب قادر على مواجهة الاستعمار، وبعد الاستقلال في إطار وظيفة الأحزاب والفاعل السياسي في تأطير المواطنين والشباب.
غير أن التحول الذي تعرفه العملية السياسية من انتخابات إلى أخرى وعملية تفريخ أحزاب جديدة ليلة الانتخابات وبروز فاعلين سياسيين جدد همهم الانتخابات هذا ما انعكس وشجع المنتخبين إلى اللجوء إلى خدمات الجمعيات المحلية من أجل الاستغلال السياسي وكسب الأصوات، هذا التوظيف السياسي يصبح ابتزازا من طرف بعض المنتخبين الذين يستغلون موقعهم داخل المجالس كأعضاء لإعطاء منح ومساعدات مادية ومالية لبعض الجمعيات دون سواها,
وهذا ما يجعلنا اليوم في حاجة ملحة إلى مأسسة قانونية للتطوع، فأي تأخير لا يزيد إلا قوة لبعض الممارسات الغير المهيكلة التي تستغل التطوع في استقطاب وكسب المؤيدين وربح الأصوات، لأنه لا يعملون التطوع بمفهومه النبيل، حيث تصبح الأهداف والمقاصد من التطوع مختلفة تماما، لها مكاسب ومآرب أخرى غير الهدف النبيل وهو تحقيق المصلحة العامة.
سؤال : ما هي عراقيل التي تحبط عزيمة جمعيات المجتمع المدني وما هو وضعها الحالي ؟؟؟

جواب : كما تعلمون فطبيعة العمل الجمعوي ينبني على غير المنفعة المادية، والتضحية أولا بالوقت، مع بذل المجهود لتقديم الخدمات أو المساهمة في أنشطة الجمعية مما يتطلب كذلك الصبر، صحيح أن هناك معيقات تواجه مؤسسات المجتمع المدني والتي تحول دون قدرتها على تحقيق أهدافها وانجاز برامجها :
أولا : هناك ما هو داخلي خاص بالجمعيات حيث تفتقر إلى الديمقراطية ومبادئ الإدارة والحوكمة الرشيدة كالمشاركة والمساءلة والشفافية، والحاجة اليوم إلى وضع ميثاق أخلاقي يؤطر عمل الجمعيات وتلتزم فيه بنشر قيم المشاركة واحترام حقوق المنخرطين وسيادة القانون وتكافؤ الفرص دون إقصاء أو تمييز.
ثانيا : الاستدامة التي تعتبر التحدي الأبرز أمام الجمعيات فهناك أعداد كبيرة منها تظهر بمناسبة ما دون رؤيا ولا هدف تنشط لفترة قصيرة ثم تختفي،
ثالثا : الجانب المادي فعدم وجود دعم مادي يؤثر سلبا على مستقبل الجمعية، وسيرورتها بشكل عام.
رابعا : صعوبة الوصول إلى العلاقة التشاركية مع الدولة، والتي أصبحت ضرورة ملحَة تمليها عمليات الترابط الواقعي فمصلحة الدولة والمجتمع المدني تتطلب وجود علاقة تشاركية تكاملية متينة ومؤسسية.
وهذا ما يدفعنا إلى مطالبة الحكومة بإحداث المجلس الاستشاري للعمل الجمعوي بهدف تعميق مبدأ الشراكة وإيجاد ثقافة الحوار والمسؤولية المشتركة وبلورة رؤية واضحة نحو الأولويات الوطنية والتشريعات والقوانين الناظمة لعمل المجتمع المدني.

سؤال : نرى قلة الانخراط الشباب في العمل الجمعوي، هل من شرح لهده الظاهرة؟
جواب : في اعتقادي لا مجال اليوم للحديث بوجود عزوف عن العمل الجمعوي لدى الشباب، بل يمكن الحديث عن نوع آخر من الانشغالات لدى هذه الفئة التي لا تبتعد كثيرا عن انشغال “جماعي”، ولكن ليس لها صفة النشاط الجمعوي، فهذا الانشغال غير المهيكل تشغله منصات التواصل الاجتماعي بوصفها فضاءات يعبر من خلالها الشباب وبكل حرية وكثافة عن آرائهم ومواقفهم، وهذا الأمر الذي لا يستطيعون القيام به داخل الجمعية، فالشباب يرى في “التشبيك الالكتروني” فضاء أرحب وأريح للتعبير عن مواقفهم دون أي وساطة أو رقابة. إن ما يمكن أن نعتبره ” تصريفا ” للرغبة في العمل الجمعوي، عبر انشغال الشباب بالعمل “الجماعي” غير المهيكل، وهذا راجع بالأساس إلى غياب استراتيجية خاصة بالشباب ضمن السياسات العمومية، لذا فإن بلورة استراتيجية خاصة بالشباب من طرف الدولة وليس الجمعيات تواكب تطلعاتهم من أجل تحديد أولوياتهم بات ضرورة ملحة.
لا ننسى أن وسائط التواصل الاجتماعي استطاعت أن تعبئ شعوبا بأكملها لإسقاط أنظمة أيام الربيع العربي، كما أنها في العديد من الأحيان تستطيع التأثير على العديد من القرارات.
وبالإضافة إلى هذا فقلة الانخراط يمكن إجماله في عدم وجود حافز مادي، غياب الوعي بالعمل الجمعوي، التشويش على عمل الجمعيات، غياب الحوار داخل الجمعيات، كما أن انشغالات الشباب بالدراسة أو العمل كأولوية من الأولويات بالنسبة لهم… كلها أمور قلصت من عدد الفاعلين الجمعويين,
سِؤال : ماهي المحفزات وفوائد العمل الجمعوي بالنسبة لك ؟
جواب : بشكل عام وبغض النظر عن أهداف وجادبية كل جمعية، فإن العمل الجمعوي هو جهاز مقنن يعمل على تنظيم الحياة الاجتماعية للأفراد، يمكن في إطاره وعلى أساسه تقديم خدمات لأبناء المجتمع في المجالات الثقافية، الرياضية، الاجتماعية، التعليمية، الفكرية وغيرها، دون منفعة مادية، وينبني على الجهد التطوعي، الخيري للفرد أو الأفراد المنخرطين في الجمعية.
العمل الجمعوي يفيد الفرد في العديد من مناحي حياته مثل: 1- التواصل الدائم مع الناس في مجالات متعددة، 2- التفكير الدائم في خلق أفكار جديدة، 3- الحرص على عمل الخير وتقديم المساعدة دون انتظار المقابل المادي وهو في حد ذاته فضيلة، 4- اكتساب شخصية وتجربة واقعية تفيد الفاعل في حياته، 5- تنمية المهارات والكفاءات الفردية لدى الفرد من خلال احتكاكه بالمشاكل والأنشطة المختلفة،
كخلاصة الجمعية مدرسة من نوع آخر كلما تنوع نشاط الجمعية كلما استفاد الفرد فيها، والعمل الجمعوي يحدث تلك المناعة التي تحصن الفرد زون دخول عالم الانحراف والتطرف والامتعاض من الوطن.
سؤال : ماهي طموحاتك المستقبلية في العمل الجمعوي.؟
جواب : من أهم وابرز طموحات كل متطوعي ومتطوعات المركز المغربي للتطوع والمواطنة هو الاعتراف القانوني للتطوع الذي سيجعل لا محالة من هذه الثروة اللامادية التي يمثلها الجهد الجماعي للمتطوعين والمتطوعات سبيلا أمثل لتقوية روح المسؤولية والمواطنة لدى فئات عريضة من شبابنا وشباتنا، وهذا ما يدفعنا إلى الترافع بعد زوال هذه الجائحة إلى :
– إعادة تنظيم عملنا من خلال ثقافة جديدة خاصة بالتناظر عن بعد لربح الوقت والمسافة والمصروف لتكوين الشباب في مجالات ذات أولوية.
– بلورة خطة العمل في مجال العمل التطوعي الشبابي بإحداث نوادي للتطوع بدور الشباب والمركز المغربي للتطوع مستعد لمواكبة هذه النوادي
– تكوين كوادر لمثل هذه الأزمات ( كأزمة كوفيد 19) والمخاطر وتوحيدها وإنشاء منصات خاصة بالمتطوعين
– وضع آليات ناجعة لتنظيم وتطوير وتحديث العمل التطوعي للمساهمة في أوراش المنفعة الاجتماعية والتنمية المحلية والبشرية.
– ترسيخ نماذج أخلاقية في الممارسة الجمعوية تعيد الاعتبار لقيم “العمل التطوعي” و”المبادرة المواطنة”، باعتبارها قيما للمشاركة والعطاء والمساهمة في خدمة الصالح العام.

سؤال : البعض يرى والوقائع تؤكد ذلك, إن الجمعيات نابت أو تنوب عن المجالس المنتخبة والدولة في القيام بواجبها اتجاه المواطنين في العديد من القضايا هل هدا المعطى صحيح ؟
جواب : نعم المعطى صحيح ولابد اليوم من الاعتراف أن العمل الجمعوي وخاصة التطوع لم يعد له ذلك الدور التكميلي بل أصبح له دور أساسي في إشباع الحاجات، ومعاضد لدور الدولة وقد يكون معوضا لها في بعض الحالات، الكل يدرك اليوم بأن الكم الهائل من الطلب الاجتماعي لا يمكن أن تحققه السلطات العمومية ولا يمكن أن ننتظر لا المؤسسات المنتخبة ولا السلطات العمومية بالسنوات الانتدابية ولا الولايات التشريعية ولا الاعتمادات المالية السنوية لكي تحقق ما يمكن أن نحققه عن طريق التطوع وعن طريق العقود التطوعية لفترة معينة ولتحقيق هدف محدد، اسمحوا لي أن أفتح قوسين لأتكلم على تجربة عشتها خلال عضويتي بلجنة التحكيم لجائزة المجتمع المدني في نسختها الأولى التي أطلقتها الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان، أن بعد انجازات الجمعيات كانت تفوق ما يمكن أن تقوم به الجماعات الترابية والدولة وفي زمن محدد وباحترافية عالية.
سؤال : في زمن الجائحة العالمية كورونا عامة والمغرب خاصة وفي ضل الحجر الصحي .. مادا عملت جمعيتك في هدا الخصوص..
ج,,, منذ ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا ببلادنا عمل المركز على التحسيس المباشر عبر طبع وتوزيع آلاف من المنشورات التي توضح بطريقة سلسة التعريف بالمرض وكيفية التعامل معه، ومع فرض الحجر الصحي من طرف السلطات العمومية ومخافة انتقال العدوى لا قدر الله – رغم الغاية النبيلة – لمحيطهم الأسري نظرا لتنقل أعضاء المركز هنا وهناك ضمن أنشطتهم اليومية رغم الاحتياطات الوقائية اللازمةـ فقد تم الاستغناء عن كل العمليات والبرامج المباشرة ومن بينها تأجيل المنتدى العربي للتنمية المجتمعية في نسخته الثالثة والذي كان من المقرر تنظيمه أيام 25 إلى 29 مارس الماضي والذي كنا في اللمسات التحضيرية الأخيرة، وخاصة أن العديد من 17 الدولة التي أكدت حضورها بدأت في حجز تذاكر الطيران، المنتدى الذي كان من المنتظر تنظيمه برعاية جامعة الدول العربية وبشراكة مع وزارة العدل ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقة مع البرلمان ومجلس مدينة الدارالبيضاء ومجلس جهة الدارالبيضاء السطات.
وقد استمرت عملية التحسيس عبر وسائط التواصل الاجتماعي عبر صفحة الفايسبوك والموقع الالكتروني للمركز والصفحات الشخصية للمتطوعين والمتطوعات، كما قام المركز بإطلاق العديد من المبادرات والبرامج خاصة البرامج الثقافية والتربوية التي كان يبثها عن بعد، والتي تصدرتها الندوات التفاعلية، واستضافة العديد من الشخصيات والتي تكلف بها عدد من أعضاء المركز كل في مجال تخصصه المهني، من محاسن الحجر الصحي أنه أظهر بالملموس استعداد أعضاء المركز في العطاء عن بعد.
كما عمل المركز على توجيه نداء إلى الشعب المغربي بكل أطيافه من أجل ملحمة ثالثة بين الملك والشعب لربح معركة كوفيد 19، ورسالة إلى رئيس الحكومة حول الإسراع بإصدار قانون التطوع، وهما النداء والرسالة اللتان حضيتا بتجاوب وتقدير من العديد من المواطنين والمواطنات والفعاليات الجمعوية، وبانتشار واسع بين الجرائد الإلكترونية من بينها جريدتكم مشكورة.
سؤال : يبدو إن العمل الجمعوي فقد بريقه المعهود, إذا كان ذلك صحيحا, فما هي أسباب التراجع؟ وهل لتناسل أو استنساخ الجمعيات تأثير على ذلك؟
جواب : إن تغير النسق الاجتماعي وانشغالات الشباب وتعدد تزايد انتظارات المواطنين، بالإضافة كما قلت ظهور سلوك انتخابوي جديد مرتبط بكسب الأصوات عن طريق الجمعيات أثر بشكل من الأشكال على العمل الجمعوي الذي لا أقول بأنه فقد بريقه، وبالرغم من ذلك فلازالت الجمعيات تنوب عن المجالس المنتخبة والدولة في القيام بواجبها اتجاه المواطنين في العديد من القضايا: كتعبيد الطرق, إصلاح الأحياء والأزقة, حملات طبية, تزيين الشوارع, توزيع المساعدات …
وما عشناه في زمن كورونا من انخراط المجتمع المدني وبشكل كبير وارتفاع منسوب التطوع والتضامن لدليل على حيوية المجتمع المدني وأظن أن درس كورونا تعتبر فرصة لمساءلة مختلف المؤسسات السياسية وفاعلي المجتمع المدني عن أدوارها في تأطير الشباب واستيعابهم، وانخراطه في التنمية وتحمل أدواره الدستورية الجديدة التي مع حلول شهر يوليوز سنعيش العشرية الأولى على دسترتها.
فاليوم نحن في حاجة جديدة لصياغة القوانين المتعلقة بالعمل الجمعوي، ومن بينها ظهير الحريات العامة لسنة 1958، وكذا التخصص في ميدان العمل الجمعوي، ليس الجمعية تعمل كل شيء دون أن تعمل أي شيء مع وضع رقم وطني للجمعيات حسب اختصاصها مع خلق بوابة واحدة للدعم العمومي، وتسهيل الولوج إلى هذا الدعم. 
سِؤال : أي دور تلعبه الجمعيات في التنمية المجالية المحلية,
جواب : كما تعلمون هناك تحول كبير على مستوى الهندسة الدستورية المتعلقة بتنظيم كل ما يتعلق بالمجتمع المدني وتحديدا الديمقراطية التشاركية بمكونتها المختلفة، والتي جاء بها دستور 2011، هذا التحول نتج عنه التعاطي مع المجتمع المدني كفاعل أساسي وشريك في صناعة القرار العمومي، اليوم المجتمع المدني لم يعد مكونا مفعولا به بل هو فاعل وهو سلطة أولاه المشرع بنوع من الحصانة الدستورية ومنحه الكثير من هوامش التحرك، لتأثير على القرار العمومي سواء على المستوى المحلي انطلاقا من جماعة ترابية إلى عمالة أو إقليم أو جهة إلى الوطن سواء على المستوى الرقابي أو المستوى التشريعي.
صحيح أن للديمقراطية التمثيلية دور مهم في حياة بلادنا غير أنها تبقى عاجزة اتجاه توسع الطلب المجتمعي هناك العديد من المطالب المجتمعية التي لا يمكن للهيئات التمثلية أن تقوم باستيعابها أو تلبيتها كاملة، فلابد من التعاون مع الديمقراطية التشاركية التي يمثلها المجتمع المدني، فبالرجوع إلى الوثيقة الدستورية فمن خلال التصدير الذي يعتبر جزءا مهما من النظام السياسي للمملكة، نجد أن الهدف الاسمي هو بناء مجتمع تضامني بكل مؤسساته.
اليوم الديمقراطية التشاركية تعتبر قوة فاعلة قي التنمية المجالية لأنها ممارسة يومية لا تنتظر تقييم أداء الفاعل السياسي أو المنتخب في لحظات معينة، بل يمكن أمام عجز المؤسسات المنتخبة أن يتدخل المجتمع المدني لاستكمال ما عجز عنه ممثل الديمقراطية التمثيلية,

في الختام أشكر جريدتكم وطاقمها على المجهودات المحمودة التي تقومون بها من أجل إبراز والتعريف ببعض من نماذج الجمعيات، آملا أن أكون موفقا في الإجابة على أسئلتكم.

تعليقات الزوار ( 0 )